مجلات نسائية جديدة في مصر تطرح رؤية بديلة لقضايا المرأة
معظمها صدر بجهود ذاتية كسراً لسلطة الإعلام الرسمي
القاهرة: منى صلاح الدين
«الدوار، إنصاف، المرأة الجديدة، الزهور» وغيرها، كلها أسماء لمجلات نسائية جديدة في مصر تقدم رؤية بديلة للمجلات النسائية والصحف التي تخصص هامشاً ضئيلاً عبر صفحاتها لقضايا المرأة في وطننا العربي.. لا تختلف هذه المجلات الجديدة فقط في طبيعة القضايا التي تثيرها بقدر اختلافها في طريقة طرحها وتناولها، والمصادر التي تعتمد عليها، وهدف المطبوعة وجمهورها المستهدف وأيضاً شكل وطريقة إخراج المجلة.
وعلى الجانب الآخر تبقى لهذه المطبوعات خصوصيات أخرى، وربما عقبات أخرى في التمويل والتوزيع والوصول إلى الجمهور المستهدف وسط عقبات مادية وقانونية وأيضاً مهنية.
هذا ما جعل مركز دراسات وبحوث المرأة بكلية الإعلام جامعة القاهرة يخصص ندوة خاصة لتقييم هذه التجارب الجديدة في الصحافة النسائية، التي تسد نقصاً حاداً في مشكلات صحافة المرأة في وطننا العربي.
تقول الكاتبة الصحافية بهيجة حسين، رئيسة تحرير «المرأة الجديدة»: تجربتي في رئاسة تحرير مجلة المرأة الجديدة تعود إلى أربع سنوات فقط، لكنها بدأت بالصدور منذ عام 1985، وتصدرها مؤسسة «المرأة الجديدة»، وهي مؤسسة مصرية غير حكومية ذات توجه نسوي، ليست منظمة خيرية أو خدمية، لكنها منظمة دفاعية في الأساس، لها أكثر من نشاط مثل برنامج مبدعات في الظل، وبرامج توعوية، إلى جانب منتدى الشابات، وهذه البرامج تمد المطبوعة بأقلام هؤلاء الشابات وإبداعاتهن، ومنذ بداية صدور المطبوعة، وحتى الآن لم يختلف هدفها في تناول الموضوعات المسكوت عنها، فكانت منذ عام 1985 تتحدث عن العنف الموجه للمرأة، وقتها كان يمكن لصحافة المرأة أو الصحف بشكل عام الحديث عن هذا العنف في أي مكان في العالم إلا في مصر.
وتضيف بهيجة: بالطبع تغير الوضع الآن بعد 20 عاماً وأصبحت مناقشة العنف الموجه للمرأة على أجندة الخطاب الرسمي والأهلي معاً.
وحول ما يميز «المرأة الجديدة»، تقول: العمل الجماعي لكل عضوات مركز دراسات المرأة الجديدة، والرؤية الجماعية في اختيار الموضوعات وطريقة تناولها، وأيضاً ملاحقة الأحداث الكبرى رغم أنها مطبوعة غير دورية، ومن أكثر الصعوبات التي تواجه المطبوعة هو العدد المحدود الذي نستطيع طباعته بسبب قلة التمويل، فهي توزع مجاناً على المهتمين في المنظمات النسائية والجمعيات الأهلية والإعلامية.
وتعلق الدكتورة ليلى عبد المجيد، الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قائلة: الصحافة النسائية تعاني من مشكلة عزل قضايا المرأة عن سياقها المجتمعي، وهو ما حاولت «المرأة الجديدة» تجنبه من خلال تقديم رؤية متكاملة وتحليلية للقضايا التي تطرحها، وبشكل متطور خلال إعداد المجلة، بالتركيز على تسجيل واقع الحياة اليومية للنساء.
وتعرض الدكتورة عواطف عبد الرحمن، أستاذة الصحافة بكلية إعلام القاهرة، لتجربة مجلة «الدوار» التي ترأس تحريرها (والدوار كلمة بالعامية في جنوب مصر وتعني البيت الكبير أو بيت العائلة)، تقول: بدأت فكرة المجلة التي صدرت فقط منذ ثلاث سنوات عن مركز دراسات المرأة بكلية الإعلام منذ الثمانينات، حينما شاركت في تجربة رائدة مع الـ «يونسكو» في بعض دول شرق افريقيا وغربها، حيث اختارت بعض القرى في هذه البلاد ونظمت دورات تدريبية للمتعلمين على الكتابة عن مشكلات القرية وأحلامهم وأفكارهم، وليصنع أهل القرية صحيفتهم بأنفسهم، تكتب باللغة المحلية لكل قرية وتترجم للإنجليزية والفرنسية، فكنت أحلم بأن يكون لقريتي في جنوب مصر صحيفة أيضاً، وجاءت الفرصة حينما افتتح قسم للصحافة في جامعة أسيوط جنوب مصر، وفكرنا في إصدار مجلة (للصعيد)، فاختار المشاركون في القسم والطلاب اسم «الدوار»، ومولت الـ «يونسكو» المجلة لمدة عام كمجلة شهرية، وحصلنا على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة بمصر بصدورها، وما يميزها أنها صحافة تركز على الناس وصوتهم، ثم الخبراء وأخيراً المسؤولين عكس صحافتنا التقليدية، وتتناول قضايا الصعيد مثل الثأر، الأمية، الآثار، وميراث المرأة وغيرها، لكن تواجهنا بعض المشكلات مثل أن بعض الصحافيات من أهل الصعيد تمنعهن التقاليد من كتابة أسمائهن، ومشكلة التوزيع فلا تصل المجلة بسهولة للقرى وتعتمد في هذا على الصحفيين أنفسهم، بالإضافة إلى التمويل بعد أن توقفت اليونسكو عن تمويل المجلة.
أما الدكتورة إيناس أبو يوسف، مديرة مركز دراسات المرأة بكلية الإعلام، رئيسة تحرير مجلة «إنصاف»، فتوضح أن قضايا المرأة لا تثار بشكل متعمق في الصحافة الموجودة وتتسم بالموسمية متزامنة مع الاحتفالات الدولية أو المحلية الخاصة بالمرأة مع التركيز على موضوعات لا تهم أغلب النساء ولهذا لم يعد الرأي العام متعاطفاً مع قضايا المرأة، لأن الصحافة الموجودة تتعامل مع قضايا المرأة غالباً على مستوى (الخبر) وليس بشكل متعمق ينفذ إلى التفاصيل الصغيرة في الحياة اليومية للمرأة في المدينة والريف، المتعلمة وغير المتعلمة، العاملة وغير العاملة، ولهذا تفتح المجلة مجالاً أمام أجيال جديدة من الصحفيين ليعبروا عن أنفسهم وعن قضايا مجتمعهم بطريقة مختلفة.
وتضيف إيناس: تقدم مطبوعة «إنصاف» ـ التي تصدر متزامنة مع ورش العمل الصحفية التي ينظمها المركز ـ صحافة بديلة في مصادر معلوماتها تقدم المرأة ليس فقط كصاحبة مشكلة، لكن كخبيرة ومسؤولة أيضاً، وكذلك الحديث عن قضية مثل العنف ضد المرأة من خلال قضية إنسانية حقيقية دون رفع شعار العنف ضد المرأة، صحافة بديلة تتحدث عن المسنات والمراهقات وليس فقط عن المرأة في مرحلة الإنجاب، صحافة بديلة تقدم الناس العاديين وليس الخبراء والمسؤولين فقط، تركز على مشكلات الإنسان، سواء كان رجلاً أم امرأة والدفاع عن حقوقه كإنسان.